الحياة المسيحية

الحياة المسيحية

حياة القناعة

اعداد: ميشيل نجيب دميان

V تعريف :
+ فى اللغة العربية ،القناعة  : الرضا بما أعطى .
+ فى اللغة اليونانية ، القناعة: Autarkeia
+ فى اللغة الانجليزية ، القناعة : Contentment

V مفهوم القناعة :
X قناعة فى الطعام : لا ننشغل كثيرا بالطعام والشراب وكثرة الأكل كقول المسيح " لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون.."(مت6: 25)  بل نطلب الكفاف كما فى الصلاة الربانية " خبزنا كفافنا أعطينا اليوم .." وان نهتم  للطعام الروحي الباقي .   
X قناعة فى اللباس : حذرنا السيد المسيح من الاهتمام الزائد بالملابس " فلا تهتموا قائلين ماذا نأكل او ماذا نشرب او ماذا نلبس." (مت 6 : 31) ويكون عندنا القناعة "فان كان لنا قوت وكسوة فلنكتف بهما"(1تى6: 8) وعدم الجرى وراء الموضات فى الملابس سواء للنساء والبنات او للشباب والرجال .
X قناعة فى المال : ان المال وسيلة للحياة وليس غاية او هدف ، لتكن حياتنا خالية من محبة المال      " لتكن سيرتكم خالية من محبة المال كونوا مكتفين بما عندكم لأنه قال لا أهملك و لا أتركك."(عب13: 5)
X قناعة فى الماديات : اكتفاء المؤمن بما لديه من ماديات ويكون راضى بحاله شاكر الله دائما على وضعه الاقتصادي والاجتماعي ويقبل الأمور بلا تذمر او ضجر " فاني قد تعلمت آن أكون مكتفيا بما أنا فيه (فى الماديات) ."(فى4: 11)  
X قناعة فى العالم : إن الزهد فى العالم وعدم محبته  يريح النفس يمنح السلام الداخلي " لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم إن أحب احد العالم فليست فيه محبة الآب . لان كل ما في العالم شهوة الجسد و شهوة العيون و تعظم المعيشة ليس من الآب بل من العالم . و العالم يمضي و شهوته وأما الذي يصنع مشيئة الله فيثبت الى الأبد "(1يو2: 15-17) اقتنى كل ما تحتاجه ولا تقتنى ما فوق لاحتياج .

 Vالسيد المسيح مثلنا الأعلى فى القناعة:
X قناعته فى الماديات : عاش بكل قناعة وتواضع وكان يعمل بيديه نجارا ، وكان لا يمتلك بيتاً أو مكاناً يستريح فيه " وأما ابن الإنسان(المسيح) فليس له أين يسند رأسه."(مت8: 20) وعاش عيشة التجرد الكامل " تاركا لنا مثالا لكي تتبعوا خطواته." (1بط2: 21)
X اهتمامه بالروحيات أكثر من الجسديات : فى تعاليم السيد المسيح  السامية التى تهدف إلى الحياة الأبدية والاهتمام بالروح أكثر من الجسد   " اعملوا لا للطعام البائد (الجسدي) بل للطعام الباقي (الروحي) للحياة الأبدية الذي يعطيكم ابن الإنسان." (يو 6 : 27)
X تحذيره من محبة المال والطمع : أن المال قد يستعبد الإنسان لذلك حذر السيد المسيح من ذلك " لا تقدرون أن تخدموا الله والمال "(مت6: 24) كما حذر من الطمع قائلا" انظروا وتحفظوا من الطمع فانه متى كان لأحد كثير فليست حياته من أمواله."(لو12: 15)

V القديسون والقناعة :
X عاشوا الزهد والتجرد :  فلم يهتموا بالمقتنيات او المال او الطعام او اللباس بل كان كل اهتمامهم بالروح والحياة الأبدية "اهتموا بما فوق لا بما على الأرض." (كو3 :  2) فقد قال القديس مقاريوس الكبير " إن الذى يأسف ((يندم ويحزن) على فقدان اى شيء (مادي) فهو ليس كاملا بعد . فأن كان الله قد أمرنا أن نرفض أنفسنا وأجسادنا فكم بالحري المقتنيات؟ " !
X عاشوا للروح وليس للجسد: لان الجسد فانى أما الروح خالدة " لان اهتمام الجسد هو موت ولكن اهتمام الروح هو حياة وسلام." (رو 8 : 6) لذلك لم يهتموا بالجسد  "لان من يزرع لجسده فمن الجسد يحصد فسادا ومن يزرع للروح فمن الروح يحصد حياة أبدية." (غل 6 : 8) قال القديس موسى الأسود "اعلم يقينا إن كل إنسان يأكل ويشرب بلا ضابط ويحب أباطيل الدنيا فأنه لا ينال شيئا من الصلاح ولا يدركه لأنه يخدع نفسه." !

V سمات القناعة  المسيحية :
1- القناعة مع التقوى : هناك ارتباط كبير بين التقوى والقناعة ، إذ أن التقوى هو موقفنا نحو الله وحفظ وصاياه  " يجب ان تكونوا انتم في سيرة مقدسة وتقوى." (2بط 3 : 11) أما القناعة هى موقفنا نحو العالم " أما التقوى مع القناعة فهي تجارة عظيمة لأننا لم ندخل العالم بشيء وواضح أننا لا نقدر أن نخرج منه بشيء. فان كان لنا قوت وكسوة فلنكتف بهما." (1تى6: 6-8) قال القديس انطونيوس "لاتبق لك أكثر من حاجتك." وقال القديس يوحنا الدرجى" الزاهد فى القنية ينجو من المنازعة والمخاصمة والغضب والحزن."
2- القناعة وعدم الطمع : ان الطمع خطية مركبة فهو "الرغبة التى لا تشبع" والطماع لا يقنع ابدا مثل وعاء مثقوب لا يمتلئ وقد حذرنا السيد المسيح من الطمع    " انظروا وتحفظوا من الطمع فانه متى كان لأحد كثير فليست حياته من أمواله."(لو12: 15) والطمع يجعل الإنسان ينسى الله لكثرة انشغاله بماله وأطماعه ..الخ مما جعل بولس الرسول يعتبر الطمع " الطمع الذي هو عبادة الأوثان" (كو3: 5) وان من بين الفئات المحرومة من دخول الملكوت هى فئة "الطماعين" (1كو6: 10) ومن الأمثال الشعبية "القناعة كنز لا يفنى" وأيضا "عز من قنع وذل من طمع" قال القديس أغاثون " إن كنت مشتاقا لملك السموات فأترك غنى العالم ."
3- القناعة مع الشكر : نشكر الله على كل حال ومن اجل كل حال وفى كل حال "شاكرين كل حين ، على كل شيء "(أف5: 20) يجب فى كل صلاة أن تشتمل على الشكر لله  "واظبوا على الصلاة ساهرين فيها بالشكر"(كو4: 2) حياة الشكر الدائم  قال القديس مار اسحق"ليست موهبة بلا نمو وازدياد إلا التى ينقصها الشكر . فم يشكر دائما يقبل البركة من الله تعالى ، وقلب يلازم الحمد والشكر تحل فيه النعمة."  وقال القديس انطونيوس " إن  أول كل شيء هو أن تصلى بلا ملل وتشكر الله على كل ما يأتي عليك."     
                     
V مجالات القناعة :
1- قناعة فى كل شيء : فى المأكل والملبس والمال والمقتنيات ..ألخ فقد أوصانا المسيح" لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون ولا لأجسادكم بما تلبسون... فلا تهتموا قائلين ماذا نأكل او ماذا نشرب او ماذا نلبس ، فان هذه كلها تطلبها الأمم لان أباكم السماوي يعلم إنكم تحتاجون الى هذه كلها. لكن اطلبوا أولا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم. فلا تهتموا للغد لان الغد يهتم بما لنفسه يكفي اليوم شره" (مت6: 25- 34) قال القديس مار افرام " ازهد فى الدنيا يحبك الله وازهد فيما فى يدي الناس يحبك الناس."  
2- قناعة فى المال : نظرة المسيحية للمال :
- المال منحة من الله : " الله الحي الذي يمنحنا كل شيء بغنى للتمتع"(1تي6: 17) وان نعطى منه للمحتاجين "لان منك الجميع ومن يدك أعطيناك" (1اخ 29: 14)
- غير اساسى للسعادة : " لقمة يابسة ومعها سلامة خير من بيت ملأن ذبائح مع خصام"(أم17: 1) فالسعادة قيمة روحية ونفسية يستحيل شراؤها بالمال او المادة.
-  المال غير يقيني : " أوص الأغنياء.. أن لا يستكبروا و لا يلقوا رجاءهم على غير يقينية الغنى بل على الله الحي"(1تي6: 17) فالمال غير ثابت وزائل ومجرد وسيلة للحياة ولكنه لا يضمن اى شيء .
- المطلوب هو الكفاية : وليس البذخ او تعظم المعيشة وتعلمنا كلمة الله "خبزنا كفافنا" "إن كان لنا قوت وكسوة فلنكتفي بهما"(1تى6: 8)
3- قناعة فى الطموح : حسب نوع الطموح يحكم عليه انه خيرا او شرا ، الطموح المعتدل سواء فى الدين او العلم السليم أمر مطلوب ومرغوب " الله قادر ان يزيدكم كل نعمة لكي تكونوا و لكم كل اكتفاء كل حين في كل شيء تزدادون في كل عمل صالح" (2كو9 : 8) بينما الطموح المادي الزائد عن الحد وبوسائل خاطئة يخرب النفس ويؤدى للضياع ، فالقناعة تكون فى الماديات والطموح فى الروحيات وهما يقويان بعضهما.

V بركات حياة القناعة :
1- السلام والطمأنينة: القناعة تعطينا راحة البال والسلام الداخلي وهى من عمل النعمة فى قلوبنا عندما تكون مدربة على الزهد وعدم التمسك بماديات العالم الفانية " اما الذين يريدون ان يكونوا اغنيا فيسقطون في تجربة وفخ وشهوات كثيرة غبية ومضرة تغرق الناس في العطب والهلاك"(1تى6: 9) قال القديس مار اغريس "الذى ليست له محبة المقتنيات لا يتعب (نفسيا)، أما محب القنية فهو ينغص حياته بها."
2- الشبع الروحى بالله : النفس الشبعانة بالله ترفض مقتنيات العالم الفانى " النفس الشبعانة (بالله) تدوس العسل (ملذات العالم) وللنفس الجائعة كل مر حلو" (أم27: 7) قال القديس مار اسحق "اذا تهاونت بالأشياء الفانية تنال الأشياء الباقية ، لا تنظر للأشياء التى تبلى بل إلى التى لا تبلى."
3- البركة فى القناعة : إن الله يبارك  فى القليل حتى يزيد ويكفى " القليل الذي للصديق خير من ثروة أشرار كثيرين"(مز37: 16) " بركة الرب هي تغني ولا يزيد معها تعبا."(أم10: 22) فأن مشاركة الآخرين فى البركات التى يعطيها لنا الله يزيدها وينميها "لأن من يزرع بالشح فبالشح أيضا يحصد ومن يزرع بالبركات فبالبركات أيضا يحصد."(2كو9 : 6) قال القديس انطونيوس "أن الذين يضعون الجزاء السماوي نصب أعينهم يرغبون دائماً فى تقديم العطاء".!
4- الكفاية فى كل شيء : إن من يعيش بالقناعة يعطيه الرب الكفاية فى كل شيء لحياته  " والله قادر ان يزيدكم كل نعمة لكي تكونوا و لكم كل اكتفاء كل حين في كل شيء تزدادون في كل عمل صالح" (2كو 9:  8)

علينا أن نتدرب على حياة الاكتفاء والشكر الدائم.. " اعرف ايضا أن استفضل في كل شيء وفي جميع الأشياء قد تدربت أن اشبع وان أجوع وان استفضل وان انقص." (في 4 : 12) قال القديس اغسطينوس "  القليل مع مخافة الرب خير من كنز عظيم مع همّ ."
Vتدريبات لحياة القناعة:
+ اقتنى كل ما تحتاجه ...ولا تقتنى ما هو فوق احتياجك .
+ لا تحتفظ بشيء انت لست فى حاجة اليه ، لكن اعطيه لمن هو فى حاجة اليه .
+ استخدم العطايا التى يمنحها الله لك ، لمساعدة الاخرين ، اعطى حسب الاحتياج وليس حسب الاستحقاق .
+ ابذل كل ما فى وسعك لمساعدة الاخرين وسوف يرتد اليك عمل الخير مضاعفا وبركات عظمى .
+ اذا تهاونت بالأشياء الفانية ، تنال الاشياء الباقية ، لا تنظر الاشياء التى تبلى بل التى لا تبلى .
+ اشكر الله دائما ، فأن الشكر يزيد النعم والبركات ، فأن الله يعطى بركته لمن يقبل من يديه كل امر بسرور وشكر مسبقاً على كل شيء.
 + هذه صلاة ينصح بها سليمان الحكيم :  "لا تعطني فقراً ولا غنى ، أطعمني خبز فريضتي (ما يكفيني)" (أم8:30) 

هناك 6 تعليقات:

  1. شكرا لهذا الدرس العظيم فقد تعلمت منه كيف أكتفى بما لدى و أشكر الله على ما وهبنى من نعم ، وأن أرضى بما قسمة الله لى ما دمت أومن بكتاب من كتبه مسلما كنت أو مسيحيا .

    ردحذف
  2. ما الفرق بين القناعه والالغاء الطموح


    ردحذف
  3. رائع جدا ربنا يعوضك

    ردحذف
  4. جميل خالص

    ردحذف
  5. Viva Christo Rey

    ردحذف