الحياة المسيحية

الحياة المسيحية

حياة الشهادة

اعداد: ميشيل نجيب دميان

V تعريف :
 + فى اللغة العربية ، الشهادة : أن يخبر بما رأى ، او يقر بما علم .

+ فى اللغة اليونانية ، شهادة :  Martyria
+ فى اللغة الانجليزية ، شهادة : Witness

V مفهوم الشهادة :
X شهادة لله : هو أن نشهد لله بكلامنا وأعمالنا ..الخ إننا مؤمنين وأولاد الله "مناديا لكم بشهادة الله.." (1كو2: 1) وان تكون حياتنا وسلوكنا واعمالنا الحسنة تمجد الله .." فليضيء نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السماوات" (مت5 : 16)
X شهادة للمسيح : هو أن نؤمن ونشهد إن يسوع المسيح ابن الله ، وهو الله الظاهر فى الجسد ، وانه مات وقام وصعد الى السموات وخلصنا وأعطانا الحياة الأبدية ..الخ " من اعترف إن يسوع هو ابن الله فالله يثبت فيه وهو في الله.. "(1يو4: 15) وان تكون شهادتنا ثابتة ودائمة وتحت اى ظروف  "كما ثبتت فيكم شهادة المسيح"(1كو1: 6) الشهادة للمسيح تنقسم الى شهادة بيضاء (حمل الصليب والسير وراء المسيح) والي شهادة حمراء (بالدم اى الاستشهاد) فقد قال السيد المسيح  " وتكونون لى شهوداً..." (اع 1: 8)
وان الكنيسة تحث المؤمنين على الشهادة المسيحية وتصلى بالقداس "مؤمنيك احسبهم مع شهدائك."
X استشهاد : " استشهد " بمعنى قتل فى سبيل الله ، فالاستشهاد مشتق من الشهادة ، واستشهد بمعنى سئل الشهادة او طلب للشهادة والشهادة هنا هى الشهادة للإيمان الذى يدين به ويذود عنه ، وقد رأى القديس يوحنا مكانة الشهداء فى أسمى مكان فى السماء " ولما فتح الختم الخامس رأيت تحت المذبح نفوس الذين قتلوا من اجل كلمة الله ومن اجل الشهادة التي كانت عندهم"(رؤ6 :  9)
X شهادة صادقة : هى أن نكون صادقين فى الشهادة إذا طلب منا أن نشهد عن شيء وان يكون كلامنا بالصدق فى كل شيء "كراهة الرب شفتا كذب اما العاملون بالصدق فرضاه" (ام 12: 22) فان الوصية  تمنع الشهادة الزور او الكاذبة " ولا تشهد على قريبك شهادة زور"(تث5: 20) "شاهد الزور لا يتبرأ والمتكلم بالأكاذيب يهلك." (ام19: 9)

Vالسيد المسيح مثلنا الأعلى فى الشهادة :
X شهادة الآب له : فى عماده " وصوت من السماوات قائلا هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت"(مت3: 17) وايضا شهد له فى التجلى "وصار صوت من السحابة قائلا هذا هو ابني الحبيب له اسمعوا"(لو9 :  35)
X شهادته للآب:  وعاملا مشيئته  "لأني قد نزلت من السماء ليس لأعمل مشيئتي بل مشيئة الذي أرسلني"(يو6: 38) كانت شهادة متبادلة "أنا هو الشاهد لنفسي ويشهد لي الاب الذي أرسلني"(يو8:  18)
 Xشهادته بالحب الباذل: في شخص السيد المسيح التقي الحب بالألم ، وتغير مفهوم الألم واصبح شركة حب مع الرب المتألم ، وتحول الموت من شيء مرعب إلي جسر ذهبي ومعبر يعبر بنا من حياة قصيرة وغربة مؤقتة إلي سعادة أبدية دائمة .

Vالروح القدس والشهادة :
X الروح القدس يشهد للمسيح:  وعمله "ومتى جاء المعزي .. روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي" (يو 15:  26)
X الروح القدس يشهد لنا : إن الروح يؤكد للمؤمنين علاقتهم الوثيقة بالله "والروح نفسه يشهد لأرواحنا أننا أولاد الله." (رو8: 15) "بالروح القدس اشتراكنا فى نعمة المسيح" ( القديس باسيليوس)
X دور الروح القدس فى الاستشهاد:   ان الشهيد فى ايامه الاخيرة يتكلم بما ليس عنده لان روح الله القدوس يكون رفيقه بصورة علنية مصداقاً لقول المسيح  " فمتى ساقوكم ليسلموكم، فلا تعتنوا من قبل بما تتكلمون ولا تهتموا، بل مهما أعطيتم في تلك الساعة فبذلك تكلموا. لأن لستم أنتم المتكلمين بل الروح القدس"(مر13: 11) عن معونة الروح فى الاضطهادات قال القديس كيرلس الاورشليمى "الروح يهمس قائلاً: انتظر الرب يا صديقى ان ما يصيبك هين امام جزائك العظيم ، عندما تتألم قليلاً ستحيا ابدياً مع الرب والملائكة ، ان الام هذا الدهر لا تقاس بالمجد المزمع ان يتجلى فينا."   

V سمات الشهادة  المسيحية :
1- الشهادة للإيمان :ان نشهد بإيماننا بالله الواحد مثلث الاقانيم ، والإيمان بالفداء وصلب المسيح وقيامته والإيمان بقيامة الأموات وحياة الدهر الاتى ..الخ ،  ويلزم الحفاظ على هذا الإيمان المستقيم حتى الموت "أن تجتهدوا لأجل الإيمان المسلم مرة للقديسين" (يه1: 3) ولا يكون بمنطق الشك ، بل بثقة أكيدة فى محبة الله ومعونته ، والبعد عن البدع والانحرافات الإيمانية .."جاهد جهاد الإيمان الحسن وامسك بالحياة الأبدية"(1تى6: 12)  قال القديس يوحنا الدرجى "الإيمان أبوه العمل وأمه القلب الصادق ، الأول يبنيه والثاني يجعله لا شك فيه."!
2- الشهادة للحق : أن يشهد المسيحى للحق الذى يؤمن به ويدعوا الآخرين اليه "وتعرفون الحق والحق يحرركم" (يو8: 32) شهادة الصدق وعدم الكذب فى كل شيء " لذلك اطرحوا عنكم الكذب وتكلموا بالصدق كل واحد مع قريبه " (اف4: 25) الشهادة للحق بغير مواربة ولا عثرة ولا وقوع فى الدينونة "جاهد عن الحق الى الموت والرب الاله يقاتل عنك"(سيراخ 4: 33) قال القديس انطونيوس " إياك والكذب فأنه يطرد خوف الله من الإنسان. "
3- الشهادة للفضيلة : إن الله دعانا لحياة التقوى والفضيلة فى العالم.. " كما إن قدرته الإلهية قد وهبت لنا كل ما هو للحياة والتقوى بمعرفة الذي دعانا بالمجد  والفضيلة" (2بط1: 3) ويلزم منا أن نجتهد للشهادة للفضيلة بسلوك يمجد الله " وانتم باذلون كل اجتهاد قدموا في ايمانكم فضيلة وفي الفضيلة معرفة." (2بط1: 5) فأن حفظ الوصية يحفظ الإنسان من الخطأ وإعلاء للفضيلة   "..امة مقدسة شعب اقتناء لكي تخبروا بفضائل الذي دعاكم من الظلمة الى نوره العجيب" (1بط2: 9) قال القديس أباهور البهجورى "الفضيلة سبيل يوصل الإنسان إلي شركة دائمة مع الله ونور يهديه إلي البر وعمل الصلاح. "

V مجالات الشهادة :
1-  شهادة بالقدوة : إنَّ الشهادة عمل كل مُؤمِن دُعِيَ عليه اسم المسيح وصار له المسيح نصيبا ، ًومجالات الشهادة كثيرة منها القداسة والقدوة الصالحة ، فقد كان الرسل والقديسين قدوة لنا " لكي نعطيكم أنفسنا قدوة حتى تتمثلوا بنا" (2تس 3 : 9) لذلك علينا أن نكون قدوة فى الأعمال الصالحة التى تمجد الله  " مقدما نفسك في كل شيء قدوة للأعمال الحسنة " (تي2 : 7) فالسيرة المقدسة هى علامة المؤمنين فى العالم  "وان تكون سيرتكم بين الأمم حسنة" (1بط 2 : 12) فأن حياة القداسة يمكن ان تحسب مساوية للاستشهاد ، المسيحية الحقة مبنية على المحبة الباذلة والمضحية ، قال القديس انطونيوس "اجعل الرب أمام عينيك على الدوام أينما سرت ."
2- شهادة بالفم : أن يشهد المسيحي للمسيح الذي يؤمن به ويدعو الآخرين إلي أن يؤمنون ، شهادة حق محبة فى المسيح ، واعتراف بخلاصه  " فكل من يعترف بي قدام الناس اعترف أنا ايضا به قدام ابي الذي في السماوات" (مت 10: 32) فالشهادة للمسيح معناها وفاء بالمعروف ، لان إنكار المسيح خيانة ، والاعتراف به وفاء وتقدير لحبه وتكريم لدينه  " وامسك بالحياة الأبدية التي إليها دعيت ايضا واعترفت الاعتراف الحسن أمام شهود كثيرين" (1تي 6: 12) كما ان المعترفين هم الذين جاهروا بالإيمان المسيحى بالفم امام الاباطرة ونالوا عذابات كثيرة ولكن لم يستشهدوا ، وكانوا مثال للقدوة والكرازة بالمسيح ، القديس اغسطينوس "الكلمة الطيبة التى تقولها اليوم ستأتي بثمرها غدا"
3- شهادة بالدم : شهداؤنا سئلوا عن إيمانهم فجهروا به وأعلنوه فى قوة جرأة مذهلة وكانت شهادتهم كرازة للحكام ومن سمعوا شهادتهم ، وكثيراً ما ربحت شهادتهم للملكوت جموعاً امنوا بالمسيح وطلبوا أن يموتوا هم ايضاً شهداء " ولا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكن النفس لا يقدرون ان يقتلوها بل خافوا بالحري من الذي يقدر ان يهلك النفس والجسد كليهما في جهنم"(مت10: 28) إن الاستشهاد في المسيحية ما هو إلا شهادة لبر المسيح ، وعمله الخلاصي، وفاعليته داخل النفس. النفس التي اشتعلت بالحب الإلهي لا تملك إلا أن تُظهر ما بها من حق وخير، تعلنه مهما كان شكل الظلمة الخارجية، ودون أي اعتبار للألم الوقتي أو حتى للموت. " رأيت تحت المذبح نفوس الذين قتلوا من أجل كلمة الله ومن أجل الشهادة التي كانت عندهم" (رؤ 9:6) ، قال القديس امبروسيوس” بموت الشُّهداء تدعمت العقيدة وازداد الإيمان وتقوَّت الكنيسة ، لقد انتصر الذين ماتوا أمَّا المُضطهِدون فقد غلبوا على أمرهم ." وقد كان للكنيسة القبطية النصيب الاكبر من الشهداء ، والكنيسة تكرمهم وتحتفل بهم فبدأوا به سنتهم القبطية بعد 284 سنة من التاريخ الميلادى ، وسمى لذلك تقويمهم بتقويم الشهداء مرادفاً للتاريخ القبطى .

V بركات حياة الشهادة :
1- نمو الإيمان : إن الشهادة للإيمان المسيحى هى كرازة للمسيح فقد كلف السيد المسيح تلاميذه بالشهادة له فى كل العالم بمعونة الروح القدس " لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم و تكونون لي شهودا في اورشليم وفي كل اليهودية والسامرة والى اقصى الأرض" (اع1 : 8) فأن جميع المؤمنين هم شهود للرب يسوع باى صورة من صورة الشهادة ، ألسنا جميعاً مدعوين إلى هذه الشهادة التي تحدَّث عنها القديس كبريانوس عندما فرَّق بين شهادتين ” شهادة حمراء“ شهادِة الدم و ”شهادة بيضاء“ هي شهادِة المحبة المُضحية والبذل وحمل الصليب والنُّسك والسلوك بلا عثرة..  قال القديس يوحنا ذهبى الفم ”احتمِل المشقات كلها ببسالة ، لأنَّ هذا يُحسب لك استشهاداً ."
2-  القدوة الصالحة: قال الآباء ان دماء الشهداء بذار الإيمان أي دم الشهداء يتحول إلي بذور تنبت منه نبت جديد "انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا بإيمانهم" (عب13: 7)  أن ثبات الشهداء ووقفتهم الشديدة والأمانة لسيدهم بهر بها غير المؤمنين فآمنوا" حتى صرتم قدوة لجميع الذين يؤمنون ." (1تس1: 7) قال القديس يوحنا فم الذهب ”إنَّ شهادِة الشُّهداء وسِيرتهم أمامنا هي في حد ذاتها عِظة للإنسان ، وعون للكنيسة كلها ، وتثبيت للإيمان المسيحي وغلبة لأوهام الموت ، وعيِّنة للقيامة ، وتوبيخ للشيطان ، واحتقار أباطيل الدنيا  ، وراحة وعزاء للنَّفْس الحزينة ، ومُحرِك للصلوات  أنَّ سيرِة الشُّهداء هي مُلهمة لكل الأمور الصالِحة."
3-  نوال إكليل الحياة : كوعد الرب  "كن أمينا الى الموت فسأعطيك إكليل الحياة" (رؤ2: 10) فأن الشهداء هم أفضل من كانوا أمناء حتى الموت فنالوا إكليل الحياة فى السماء "رأيت تحت المذبح نفوس الذين قتلوا من اجل كلمة الله ومن اجل الشهادة التي كانت عندهم" (رؤ6: 9) فأن هذا مشاركة مع المسيح فى آلامه وأمجاده "إن كنا نتألم معه لكي نتمجد ايضا معه" (رو8: 17) والاستشهاد معناه ايمان بالمسيح وايمان بالله وايقان بالحياة بعد الموت ، ولولا الايمان بالقيامة والدينونة الابدية لما كان الشهداء يجدون ما يدفع بهم الى قبول العذاب فى سبيل ايمانهم .قال القديس كبريانوس الشهيد " كرب هو الطريق لكن المكافأة رائعة وعظيمة."

 Vامثلة لحياة الشهادة :
 Xالقديس استفانوس رئيس الشمامسة : انتخب الرسل سبعة رجال من ضمنهم إستفانوس ليقوموا بأمر الخدمة اليومية وتوزيع التقدمات على الفقراء من المسيحيين  ويصف الكتاب المقدس استفانوس بأنه رجل ممتلئ من الإيمان والروح القدس  وأنه كان يصنع قوات وعجائب وكان ينادي بالرسالة بحكمة (أعمال 6). ولما لم يتمكن بعض من هؤلاء اليهود أن يجاوبوا استفانوس أو يقاوموا قوة الحكمة والروح التي كانت فيه اخترعوا ضده شكايات زور، فدسّوا رجالا مأجورين يقولون أننا سمعناه يجدف على الله وعلى موسى وأنه تكلم ضد الشريعة وضد الهيكل. ورجموه سنة 35م وهو أول شهداء المسيحية فى وتعيد له الكنيسة 1طوبة
X مار جرجس امير الشهداء : (280- 307م)
ولد في كبادوكية بآسيا الصغرى ونمى في حب الله والإيمان المسيحى ، وانضم إلى الجيش  ونال العديد من الانتصارات ، وقيل عنه "المدافع عن الشعب" وقد اصدر الإمبراطور دقلديانوس الحاكم الروماني مرسومًا يأمر فيه بحرق الكنائس والكتب المسيحية، وتسريح جميع المسيحيين من أشغالهم، وأخذ كل ممتلكاتهم، ويجبرهم على تقديم الذبائح ، ويبخروا للأوثان ، ولما رأى القديس المرسوم قطعه ، وأعترف أمام  دقلديانوس  بإيمانه المسيحي، فأمر بحبسه ودام تعذيب القديس لمدة سبعة سنوات!! وكان صابراً على العذابات ، حتى تحوَّل الكثيرين إلى المسيحية بسبب المعجزات التي شاهدوها. ونال إكليل الشهادة بقطع رأسه فى 23 برمودة.
Xالقديس انبا صموئيل المعترف : (597م- 695م) ولد من أبوين مسيحين تقيين ؛ أحسنا تربيته ؛ فعاش محبا للكنيسة وعقائدها ، وبعد وفاة والديه قصد برية شهيت بدير انبا مقار ، ونال كثير من العذابات وفقد عينه على يد الرومان المخالفين للعقيدة الارثوذكسية  كما نال ضيقات وعذابات كثيرة من البربر حتى ينكر الايمان ، ولكن الله انقذه ورجع الى ديره وله عظات ونبوات ومعجزات كثيرة وتنيح 8 كيهك
وكلمة معترف المقصود بها القديس الذي تعذب من أجل العقيدة المسيحية دون أن يصل لدرجة الاستشهاد ؛ بمعني أنه عذب وجرح ولكنه لم يمت .

 تدريبات لحياة الشهادة :
+ شهداء من يحيون بإيمانهم على الرغم مما يحيط بهم من ضنك ومن ضيق ومن الم ومن مرض ومن ظروف قاسية تثير الشكوك .
+ شهداء من يحيون بمبادئهم على الرغم مما يعترضهم فى سبيل احتفاظهم بمبادئهم من متاعب من الاصدقاء والاعداء ، من الاقارب والاباعد على السواء .
+ شهداء من يحيون بطهارتهم على الرغم من مثيرات الخطيئة ونداءات الجسد الترابى والشهوات البدنية.
+ نحن نغبط الشهداء ونكرمهم لانهم صمدوا لانهم امام الاغراءات والمثيرات وامام العذابات والاضطهادات . ولكن الغبطة ايضاً تنتظر الشهداء فى عصر السلام ، الذين يصمدوا امام كل اغراء ، وما هو جسدانى من شهوة ردية .
+  في التسبحة اليومية:

”يأتي الشهداء حاملين عذاباتهم ويأتي الصِّدِّيقون حاملين فضائِلهم... يأتي ابن الله في مجده ومجد أبيه ويُجازي كل واحدٍ كأعمالهِ التي عملها.“

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق