الحياة المسيحية

الحياة المسيحية

حياة التسليم

اعداد: ميشيل نجيب دميان

V  تعريف :

 X فى اللغة العربية ، التسليم:  إظهار الخضوع والقبول
X فى اللغة اليونانية ، تسليم: Parazizomy       
 X  فى اللغة الانجليزية ، تسليم: Surrender

V  مفهوم التسليم:
X تسليم الإيمان : تسليم الإيمان المسيحى  الارثوذكسى من جيل الى جيل ، الإيمان المسلم لنا من القديسين والتمسك والحفاظ عليه حتي الموت "أن تجتهدوا لأجل الإيمان المسلم مرة للقديسين" (يه1: 3)
X تسليم الحياة : إن الله أعطانا الحياة  فيجب تسليم الحياة كلها لله ، بحيث تكون كل أفعال الإنسان وتصرفاته وأفكاره وأقواله مطابقة لإرادة الله  " سلم للرب طريقك واتكل عليه وهو يجري" (مز  37 :  5)
X  تسليم المشيئة : أن يسلم الإنسان مشيئته لله ويتجرد من كل رغبة ومن كل شهوة ، حتى فى الأمور الروحية ، فالرغبات الروحية يحب أن تكون لها غرض واحد هو الاتحاد بالله " أن افعل مشيئتك يا الهي سررت وشريعتك في وسط أحشائي" (مز40 : 8)
X  تسليم الإرادة : يلزم للإنسان الذى يسلم حياته لله أن تكون إرادته مطابقة لإرادة الله الصالحة ، وان يعيش حسب إرادة الله ، فأن إرادة الله أفضل جدا من إرادتنا  " لكي لا يعيش ايضا الزمان الباقي في الجسد لشهوات الناس بل لإرادة الله"(1بط  4 : 2)
X تسليم القلب : القلب هو أساس العلاقة الروحية بيننا وبين الله ، فأن الله يريد القلب " يا ابني أعطني قلبك ولتلاحظ عيناك طرقي"(ام23 : 26) لذلك لتسليم الإنسان قلبه لله  ، عليه الاتكال على الرب بكل القلب " توكل على الرب بكل قلبك وعلى فهمك لا تعتمد"(ام 3 : 5)
X تسليم الروح : فى الموت تسليم الروح الى خالقها "يسلم الروح كل بشر جميعا ويعود الإنسان الى التراب" (اي 34 : 15) إن تسليم أرواح الصديقين تكون
بيد الله التى يحفظها فى الفردوس "أما نفوس الصديقين فهي بيد الله فلا يمسها العذاب" (الحكمة 3 : 1)

V الرب يسوع مثلنا الأعلى فى التسليم:
X خضوعه للآب : إن طاعة وخضوع المسيح لله كانت تنسجها خيوط المحبة الأزلية التي للابن نحو الآب حتى انه قبل الصلب والآلام بكل طاعة وتسليم "مع كونه ابنا تعلم الطاعة مما تألم به"(عب5: 8)
X يعمل مشيئة ألآب : كان المسيح فى حياته على الأرض فى تسليم كامل للآب وعمل مشيئته  "لأني قد نزلت من السماء ليس لأعمل مشيئتي بل مشيئة الذي أرسلني"(يو6: 38)
X يسلم لمن يقضى بعدل : كان لا يجازى عن الشر بل كان يسلم أمره لله الذى يقضى بالعدل ، ويبرز القديس بطرس فضيلة التسليم فى حياة المسيح بقولة  "  الذي إذ شتم لم يكن يشتم عوضا وإذ تالم لم يكن يهدد بل كان يسلم لمن يقضي بعدل"(1بط2 :23) " تاركا لنا مثالا لكي تتبعوا خطواته "(1بط2: 21)
  X صلاة التسليم : فى صلاته فى بستان جثسيمانى ليله آلامه قال للآب  "قائلا يا أبتاه إن شئت أن تجيز عني هذه الكأس ولكن لتكن لا إرادتي بل إرادتك"(لو 22: 42) على الرغم من انه ليس له سوى مشيئة وإرادة واحدة مع الآب.

V القديسون والتسليم :
X التسليم الكامل : بحياة التسليم عاش إباؤنا الرهبان والسواح بدون أية معونة بشرية ، عاشوا تائهين في البراري والقفار، ومع ذلك كانوا سعداء في حياتهم التي سلموها للرب ، ونرى كيف كان الله يعولهم روحياً ومادياً في حياة التسليم التي عاشوه ، قال القديس ماراسحق السريانى "إن كنت تؤمن أن الله يعتنى بك ، فلا تشغل نفسك بأمور زمنية ولا بحاجات الجسد."
X إنكار الذات : لقد عاش القديسون ليس إنكار الذات فقط ، بل أماته الذات بالكامل وكرسوا حياتهم لعشرة الرب ومرضاته "من أراد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه   ويحمل صليبه و يتبعني" (مر8 : 34) قال القديس موسى الأسود " اشر الرذائل هى أن يذكى الإنسان نفسه بنفسه." وقال القديس اغاثون " لا يمكنك أن تحيا حياة مرضية أمام الله مادمت محبا للذات."  

V سمات التسليم المسيحى  :
1- التسليم بأيمان : الإيمان ليس هو أن تقرر أن الله يستطيع كل شئ بل أن تقرر قبول كل شئ من يديه "لأننا بالإيمان نسلك لا بالعيان" (2كو5: 7) أن يُسلِّم المؤمن نفسه لله بكل إرادته ، بكل ثقة ودون خوف أو شك ؛ كي يقودها الله ويوجِّهها حسب مشيئته الصالحة المرضية الكاملة " يستودع نفسه كما لخالقٍ أمين في عمل الخير" (1بط4: 19) هناك فرق بين الاستسلام والتسليم : الاستسلام هو الإيمان بالقدر ، أما التسليم هو الخضوع لله .الاستسلام يقول لا استطيع ، أما التسليم يقول لا استطيع ولكن الله يستطيع قال القديس باخوميوس "إذا توكلت على الله فأنه يصير لك ملجأ ويخلصك من جميع شدائدك ، وان سلمت أمورك الى الله فأمن انه قادر أن يظهر عجائبه فى قديسيه."!
2- التسليم بخضوع : ليست حياة التسليم هى الخضوع لسياسة الأمر الواقع دون اقتناع ، بل يؤمن أن مشيئة الله دائماً صالحة ومفيدة للإنسان ، وهو يخضع لمشيئة الله في فرح "فاخضعوا لله قاوموا إبليس فيهرب منكم"(يع4 : 7) وان سلمت حياتك وأمورك لله ، فيجب أن تسلمها بلا قيد او شرط ، فلا يليق بك أن تحدد للرب الطريقة التى يحل بها مشكلتك ، ولكن اترك له الأمر كله ، سلم له طريقك واتركه يضع الحل الذى يراه مناسبا قال القديس باسيليوس الكبير"درب جسدك على طاعة نفسك ودرب نفسك على طاعة الله".
3- التسليم بشكر: الذى يحيا حياة الإيمان والتسليم، يحيا دائماً في فرح وفي شكر "اشكروا في كل شيء لان هذه هي مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتكم"(1تس  5 : 18) يجب أن نشكر الله على كل شيء حتى فى الأشياء التى قد تبدو لنا إنها تجارب وإحزان . فالفرح هو موقف الإنسان الدائم الشكر لله فى كل حين "شاكرين كل حين ، على كل شيء "(أف5: 20) إن حياة الشكر الدائم ترتبط بحياة التسليم لله ، قال القديس الأنبا شنودة "كل ما يحل عليك من خير أو شر أقبله بالشكر وأعلم أنه لن ينالك شيء إلا بسماح من اللـــه."

V مجالات التسليم:
1- تسليم المشيئة لله : بحيث لا يصبح للإنسان مشيئة أخرى غير مشيئة الله ، لأن مشيئة الله دائما صالحة لنا "لتكن مشيئتك كما فى السماء كذلك على الأرض.." (مت10: 6) وأهمية معرفة مشيئة الله الصالحة لنا يعطينا الاطمئنان والسلام "ان تمتلئوا من معرفة مشيئته في كل حكمة وفهم روحي "(كو1: 9) ونكون على  استعداد كامل لفعل مشيئة الله  " لأفعل مشيئتك يالله"(عب10: 7) قال القديس يوحنا القصير "كن عبدا لإرادة سيدة (الرب) ، وحرا غير مستعبد لشيء من المجد الباطل." إن الذي يحيا حياة التسليم  لا يهتم ولا يحمل هماً قال القديس يوحنا القصير"من ينكر ذاته يسلك فى سلام"
2- تسليم العمل والنتيجة لله : إن الله يختار لنا الطريق والطريقة ، وتسليم للرب الغرض والوسيلة ، كذلك النتيجة أيضا ، وكل نتيجة تاتى من عند الله مقبولة      "سلم للرب طريقك واتكل عليه وهو يجري"(مز37 : 5) لذلك الاتضاع ضروري لحياة التسليم ، لأن الإنسان الواثق بذاته ، المعتد بفكره والمعتمد عليه فى تدبير أموره ، لا يستطيع أن يسلم حياته لله فى بساطة الإيمان ، لأن الكبرياء تعطل حياة التسليم  "إليك يسلم المسكين أمره " (مز 10 : 14) قال القديس باخوميوس"إن سلمت كل أمورك لله فأمن إنه قادر أن يظهر عجائبه."
3- تسليم بوعود لله : حب الله لنا واهتمامه بنا يجعلنا نثق جدا فى وعوده ، وان الله لابد ان يحرسنا بقوة خاصة إذ قال " هوذا على كفي نقشتك أسوارك أمامي دائما" (اش  49 : 16) قال القديس يوحنا ذهبى الفم " لم ينقشنا على كفه بمداد وقلم ، بل بالمسامير التى ثقبت يديه على الصليب" ! ويرتفع له المجد فى الوصف عن كيفية الدفاع عنا فيقول " لأنه من يمسكم يمس حدقة عينه"(زك1: 8) فأن حمايتنا لابد أن تكون شاملة وكاملة حتى تحمينا من أعدائنا الخفيين والظاهرين .قال القديس باسيليوس الكبير "لو كان المسيح فى حياتنا لكان كلامنا عنه ، وكل شيء نفعله وكل فكر يكون فى إطار تعاليمه وبذلك تكون أرواحنا على صورته "

V  بركات حياة التسليم:
1- فرح دائم : هو فرح دائم لا يعكر صفوه كآبة او انزعاج ..وسلام جزيل لا يشوبه قلق او خوف ، نتيجة الشعور بإتمام إرادة الله " أن افعل مشيئتك يا الهي سررت" (مز40: 8) إن الفرح هو ثمرة التسليم الواثق والأمين فى الله ، حتى عندما تبدو الأمور غير مفرحة " يفرح جميع المتكلين عليك الى الأبد يهتفون وتظللهم ويبتهج بك محبو اسمك. لأنك أنت تبارك الصديق يا رب.." (مز5 : 11) فالفرح من ثمر الروح والحزن من ثمر الخطية قال القديس يوحنا ذهبى الفم " ليس هناك سلاح أقوى من الفرح بالله والذي يملكه لا يحنى رأسه أمام الأعداء."!    
2-  هدوء جزيل : فالإنسان الذى عرف كيف يخضع مشيئته لمشيئة الله ، يكون هادئا لا يزعجه شيئا ، ويتمتع بهدوء الأعصاب ، لأنه سلم حياته كلها القدير " لأن منه   وبه وله كل الأشياء له المجد الى الأبد آمين" (رو 11: 36) وشعوره بأن الله الذى سلم حياته له ، لا يأتيه ألا ما هو صالح وخير " نحن نعلم إن كل الأشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله الذين هم مدعوون حسب قصده (إرادته)" (رو 8 : 28) قال القديس  الأنبا انطونيوس "أول كل شئ أن تصلى بلا ملل وتشكر الله على كل ما يأتي عليك." وقال القديس اغسطينوس " خلقتنا لك وستظل نفوسنا قلقة وحائرة حتى تجد راحتها فيك ."
3- الطمأنينة المباركة: إن الطمأنينة هى الهدوء المتولد من الثقة الشديدة فى الله ، وفى وعوده وفى قوته على أن تخلص وان تحفظ " يعطيه (الله) طمأنينة فيتوكل ولكن عيناه على طرقهم"(اي 24: 23) إن حياة التسليم تعطى الإنسان الإحساس بالسلام وتجلب البركات.. الخ " بسلامة اضطجع بل أيضا أنام لأنك أنت يا رب منفردا في طمأنينة تسكنني" (مز4:  8) تسليم كل لحظة من الحياة تسليما كليا لله هو أساس السعادة  "ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب طوبى (سعادة) للرجل المتوكل عليه"(مز34: 8) قال القديس اغسطينوس " تبعية الله هى الرغبة فى السعادة ، وبلوغ الله هو السعادة عينها." !
V تدريبات لحياة التسليم:
+ تعلم ان تسلم كل امورك لله ، سلم لله احوالك ومشكلاتك..الخ ،  ولا تقلق بشأنها بعد الآن .
+ القى كل همك ، وكل ما يقلقك ويزعجك .. على يسوع ، لأنه يعتنى بك فهو يحبك ، ويريد ان يكون مسئولاً عنك وضامناً لك .
+ حياة التسليم تقوده إلى الاطمئنان ، حتى في أشد الأوقات ، عندما تسلم الامور بالكامل لله ، سيفيض قلبك بالاطمئنان ، ويمتلئ ذهنك بالسلام.
+ فى حياة التسليم اترك الوقت للة ، ولا تحدد له مواعيد ،  فهو ادرى بعملة ، وهو اكثر معرفة منك بالوقت الصالح . 
+ ان كنت لا تستطيع ان تغير حياتك ، وتجدد قلبك لانك عاجز، فانك قادر ان تسلم حياتك الى اللة ، الذى يقدر ان يجددك.
+ نصيحة للقديس باخوميوس اب الشركة :

"إذا جعلت توكلك على الله ، فانه يخلصك من      جميع شدائدك." !

هناك تعليقان (2):