الحياة المسيحية

الحياة المسيحية

حياة الشركة

اعداد : ميشيل نجيب دميان


+ تعريف :
+ فى اللغة العربية، الشركة : الاتحاد والمشاركة
+ فى اللغة اليونانية ، شركة : kenonia
+ فى اللغة الانجليزية ، شركة : Association
+ مفهوم الشركة :
X المفهوم العام: هو اتحاداً أو اتفاقاً بين اثنين أو أكثر ، على تحقيق هدف مشترك أو مصلحة مشتركة، ويجب أن تتوافر في الشركاء ثلاثة عوامل: الوحدة في الهدف، والتوافق في الفكر والأسلوب، والتكافؤ في القدرة والصفات.
X شركة الإيمان : شركتنا فى الإيمان الارثوذكسى المسلم لنا من القديسين ، والتمسك والحفاظ عليه حتي نهاية الحياة ، وشركتنا فى ممارسة الأسرار الكنسية كالمعمودية والتوبة والتناول.. الخ ، وعلينا تفعيل هذه الشركة " لكي تكون شركة إيمانك فعالة في معرفة كل الصلاح الذي فيكم لأجل المسيح يسوع"(فل 1 : 6)
X شركة المسيح : إن المسيح شاركنا فى كل شيء ما خلا الخطية وحدها ، واخذ الذى لنا وأعطانا الذى له ، اخذ خطايانا وأعطانا بره" أمين هو الله الذي به دعيتم الى شركة ابنه يسوع المسيح ربنا.." (1كو 1: 9)
X شركة التناول  : بالتناول يصير لنا شركة واتحاد مع المسيح لذلك يسمى سر الشركة " كاس البركة التي نباركها أليست هي شركة دم المسيح ، الخبز الذي نكسره أليس هو شركة جسد المسيح"(1كو10:  16)
X شركة المؤمنين : من بداية الكنيسة وضع الآباء الرسل حياة الشركة كمبدأ اساسى "وجميع الذين امنوا كانوا معا وكان عندهم كل شيء مشتركاً.."(أع2: 44) وقد سلكت الكنيسة فى حياة الشركة المسيحية فى تسديد الاحتياجات الروحية والمادية  للمؤمنين  "إن سلكنا في النور كما هو في النور فلنا شركة بعضنا مع بعض." (1يو1: 7) 
X شركة القديسين : حياة الشركة تشمل الكنيسة المجاهدة على الأرض ، مع الكنيسة المنتصرة فى السماء ، لذلك نطلب طلبات وشفاعات القديسين عنا (صلاة المجمع) ، كما تصلى الكنيسة من اجل المؤمنين الراقدين (اوشية الراقدين) " شاكرين الآب الذي أهلنا لشركة ميراث القديسين في النور.." (كو1 : 12)
+ الله والشركة :
X الله أشركنا فى طبيعته :  لقد أشركنا الله معه فى الوجود ، وخلقنا على صورته ومثالة فى القداسة والبر.. الخ ، وأشركنا فى محبته ووعوده.." قد وهب لنا المواعيد العظمى  والثمينة لكي تصيروا بها شركاء الطبيعة الإلهية هاربين من الفساد الذي في العالم بالشهوة." (2بط1: 4) فنحن شركاء الطبيعة الإلهية ، ليس فى الجوهر وإنما فى العمل .
X الله أشركنا فى خلوده : إن الله ازلى أبدى ، فقد أشركنا فى أبديته ووعدنا بالحياة أبدية " وهذا هو الوعد الذي وعدنا هو به الحياة الأبدية" (1يو2: 25) ويتحقق وعد الحياة الأبدية السعيدة بالإيمان بابن الله يسوع المسيح  " الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله" (يو 3 : 36) 
X الشركة مع الله : إذ قد تأهلنا للشركة مع الرب، علينا أن نسلك في النور برفقة الله وحضوره ، إذ هو يسكن فينا بروحه القدوس، والمسيح نفسه يحل في قلوبنا بالإيمان! "وأما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح.." (1يوحنا 3:1).
Vالسيد المسيح مثلنا الأعلى فى الشركة :
X شركته مع الآب والروح القدس: فهو واحد مع الآب فى الجوهر فى شركة غير منفصلة فقال  "أنا والآب واحد"(يو10: 30) وشركته مع الروح القدس   فأن الشركة بين الاقانيم الثلاثة شركة لا تنفصم فى الله الواحد "فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن و الروح القدس."(مت 28 : 19)
X شركته معنا : فقد سمى المسيح "عمانوئيل" اى الله معنا وهو معنا فى كل زمان ومكان ، فقد قال "لأنه حيثما اجتمع اثنان او ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم"(مت18: 20) وأوصانا أن نثبت فيه وهو فينا "أنا الكرمة وانتم الأغصان الذي يثبت في   وانا فيه هذا يأتي بثمر كثير.." (يو 15 : 5)
Vالروح القدس والشركة :
X روح الشركة : سواء بين الإنسان والله ، او بين الناس مع بعض "شركة الروح القدس مع جميعكم" (2كو13: 14) "ان كان شركة ما فى الروح"(فى2: 1)  قال القديس كيرلس ك "لا يمكن أن تكون لنا شركة مع الله إلا بالروح القدس الذى يسكب فينا قداسته."
+ سمات الشركة  المسيحية :
1-   الشركة فى النور: هى شركة المؤمنين أبناء النور القديسين "شاكرين الآب الذي أهلنا لشركة ميراث القديسين في النور"(كو1: 12) إنها شركة فى الحق والنور والوضوح .. وليس فى الظلمة والخطية .. "إن قلنا إن لنا شركة معه وسلكنا في الظلمة نكذب ولسنا نعمل الحق , لكن إن سلكنا في النور كما هو في النور فلنا شركة بعضنا مع بعض ودم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية"(1يو 1 :6، 7) هى شركة فى نور المحبة الأخوية عديمة الغش والعثرة .. "من يحب أخاه يثبت في النور وليس فيه عثرة.."(1يو 2: 10) قال الشيح الروحانى "إن الروح القدس مرافق للإنسان ، وبقدر ما يتجاوب الإنسان معه يزداد اتحاد الإنسان وشركته بالرب يسوع ، وبقدر ما تزداد شركته بعريسه يزداد فرحه أيضاً."
2- الشركة المقدسة : ان ارادة الله قداستنا  " لان هذه هي أرادة الله قداستكم.. " (1تس4: 3) أن نحيا حياة مقدسة فى الجسد والروح .." لنطهر ذواتنا من كل دنس الجسد والروح مكملين القداسة في خوف الله.."(2كو7 :1) فأن الشركة المقدسة للمؤمنين لا تقبل أعضائها  الأشرار والفاسدين ..، وإن لم يتوبوا يعزلوا من جماعة المؤمنين  "فاعزلوا الخبيث من بينكم"(1كو5: 13) لذلك فأن الكنيسة توبخ أعمال الأشرار وتدعوهم للتوبة والحياة المقدسة .. "ولا تشتركوا في أعمال الظلمة (أعمال الشر) غير المثمرة بل بالحري وبخوها.." (اف5: 11) قال القديس باسيليوس "لتكن أعضاءكم جميعها مقدسة فتكون كمرتديه ثوباً من القداسة والنور."  
3- الشركة العملية : حياة الشركة كان مبدأ اساسى فى الكنيسة الأولى،  فقد كانت كنيسة الرسل تعيش الشركة العملية لكل المؤمنين " وكان لجمهور الذين امنوا قلب واحد ونفس واحدة ولم يكن احد يقول إن شيئا من أمواله له بل كان عندهم كل شيء مشتركاً.." (أع4: 32) لذلك فأن الكنيسة كجماعة المؤمنين تسدد احتياجات الفقراء والمحتاجين ..الخ  " مشتركين في احتياجات القديسين.."(رو12: 13) وتعتبر حياة الشركة التي أسسها القديس باخوميوس أب الشركة امتداداً للكنيسة الأولى ، وذلك في نظام الأديرة ، حيث يعيش الرهبان حياة مشتركة فى العبادة والعمل ، وهو نظام الاديرة القبطية حتى الآن.
+ مجالات الشركة :
1-   شركة مع الله : أساس شركتنا مع الله فى ابنه يسوع المسيح " لكي يكون لكم ايضا شركة معنا وأما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح" (1يو1: 3) إن التناول من سر الأفخارستيا هو شركة في المسيح له المجد اذ قال "من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت في وانا فيه" (يو :  56) إن الشركة الروحية التي تربط بين الرب والمؤمنين هى شركة حية ومحيية ، يُصبح معها المسيحيون مِلْكاً للمسيح ، شأنُهم شأن الأغصان المتحدة بالكرمة ، وليسوا مِلكاً لأنفسهم كما قال المسيح  " أنا الكرمة الحقيقية وأبي الكرام ... أثبتوا فيَّ وأنا فيكم" (يو15: 1، 4)
2-  شركة مع المؤمنين : جميعاً أغصان الكرمة الواحدة التي هي المسيح "أنا الكرمة وأنتم الأغصان"
(يو 15: 5) وهذه الشركة كالجسد الواحد له أعضاء كثيرة ورأسه المسيح "هكذا نحن الكثيرين جسد واحد في المسيح وأعضاء بعضا لبعض كل واحد للآخر" (رو 12: 5) ويلزم أن نعيش فى حياة الشركة المقدسة بعضنا مع بعض بروح المحبة والخدمة.. " بالمحبة اخدموا بعضكم بعضا" (غل 5: 13) قال القديس باسيليوس الكبير  "أكمل حياة مع الاخرين ادعوها تلك التى ترفض كل شيء شخصي خاص ، لأن كل شيء ( فى حياة الشركة) هو مشترك : فالسعي نحو الله مشترك ، الخلاص مشترك ، الاتعاب مشتركة ، الجهاد والحرب مشتركة ، والاكاليل مشتركة . الواحد هو للكثيرين ومع الكثيرين وليس بمفرده ."
3- شركة مع السمائيين : ما أقوى الشركة بين الكنيسة الأرضية (المجاهدة) والكنيسة السمائية (المنتصرة) "لذلك نحن أيضا إذ لنا سحابة من الشهود (فى السماء) مقدار هذه محيطة بنا لنطرح كل ثقل والخطية المحيطة بنا بسهولة..." (عب 12 : 1) لذلك تضع أمامنا الكنيسة حامل الأيقونات ، عليه صور السيد المسيح والعذراء ، ويوحنا المعمدان والملائكة والرسل والقديسين..الخ ليكونوا قدوة لنا ونتبع سيرتهم "انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا بإيمانهم" (عب13: 7) وان الكنيسة دائما تطلب صلوات القديسين (المجمع) ، وتصلى من اجل المنتقلين (اوشية الراقدين) وبالتسبحة اشتراك مع الملائكة فى تسبيح الله .
  + بركات حياة الشركة :
1-   الاتحاد بالله: من نتيجة الشركة مع الله ان يكون الله فينا ونحن فيه فى وحدة مع الثالوث وهذا ما طلبه الرب يسوع لجماعة المؤمنين " ليكون الجميع واحدا كما انك أنت أيها الآب في وأنا فيك ليكونوا هم ايضا واحداً فينا ليؤمن العالم انك أرسلتني"(يو17: 21) فأن التناول  هو الوسيلة للاتحاد بالله وسكنى المسيح فينا ، قال القديس أثناسيوس الرسولي " إن اتحادنا بالمسيح بتناولنا من جسده ودمه أسمى من كل اتحاد ، الاشتراك في سر الأفخارستيا هو شركة في حياة السيد المسيح له المجد" وقال القديس كيرلس الكبير "أعطانا جسده الحقيقى ودمه لكى تتلاشى قوة الفساد ويسكن فى أنفسنا بالروح القدس ونصير شركاء بالقداسة وأناسا روحيين." !
2- النعمة والسلام : النعمة الغنية التى يهبها لنا الرب نتيجة الشركة معه "ومن ملئه نحن جميعا أخذنا  ونعمة فوق نعمة"(يو1: 16) فأن نعمة الله تأتى لنا بالسلام الوفير "لتكثر لكم النعمة والسلام بمعرفة الله ويسوع ربنا" (2بط 1: 2) وهذا السلام يملأ ويحيط بالنفس التى تثق فى الله ، وهو يتولد نتيجة خبرة إيمان طويلة ومتصلة تغلغلت فى النفس عن محبة الله " وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع" (في 4 : 7) قال القديس مار اسحق "إن النفس التى تحب الله لا تجد الراحة إلا فيه."!
3-   المجد الابدى : من نتيجة الشركة مع الله هى بنوتنا  لله  والميراث مع المسيح فى المجد " فان كنا أولادا فإننا ورثة ايضا ورثة الله ووارثون مع المسيح إن كنا نتألم معه لكي نتمجد ايضا معه" (رو 8 : 17) وهى شركة مع المسيح فى آلامه وأمجاده  ، وهذه النعمة العظيمة  تعطينا الرجاء فى الحياة الأبدية فى السماء "حتى إذا تبررنا بنعمته نصير ورثة حسب رجاء الحياة الأبدية" (تي  3 :  7) فعندما تكون هناك علاقة قوية للإنسان بالسماء ومتصل بها، يجد حياته كلها سعادة. قال القديس اغسطينوس "سوف نرى الله وذلك شيء عظيم يصبح كل ما عداه تافها ولا قيمة له ..الفرح فى بيت الله الابدى ، وفيه عيد لنا لا ينقضي بل يستمر الى الأبد .." ! 
+  امثلة فى حياة الشركة : 
+ الكنيسة فى عصر الرسل :
كانت حياة الشركة ظاهرة فى كنيسة المسيح منذ تأسيسها ، إذ لم يكن فيهم أحد محتاجاً " وجميع الذين امنوا كانوا معا وكان عندهم كل شيء مشتركا. والاملاك والمقتنيات كانوا يبيعونها و يقسمونها بين الجميع كما يكون لكل واحد احتياج" (أع2: 44 ،45)  كانت حياة شركة للمؤمنين فى الصلاة  والمعيشة المشتركة  " اذ لم يكن فيهم احد محتاجاً.. "(4: 34) وقد كلف الرسل سبعة شمامسة بقيادة استفانوس للإشراف على توزيع العطايا واحتياجات المؤمنين ، وقد اهتم بولس الرسول بجمع العطايا للكنائس الفقيرة .
 +القديس باخوميوس (اب الشركة)292 م- 348م
وُلد بالصعيد الأقصى من والدين وثنيين ، تجنَّد في الجيش، وكان منطلقًا مع زملائه لقمع ثورة ضد الإمبراطور، وفي الطريق استراحوا عند مدينة (إسنا) وكان الكل منهك القوى، فجاء أهل المدينة يقدمون لهم طعامًا وشرابًا بسخاءٍ وفرحٍ. سأل باخوميوس عن سبب هذا الكرم، فقيل له إنهم يفعلون هذا من أجل إله السماء، فهم محبّون للجميع  فقرر أن يصير مسيحيًا وتعمد ، وقد تتلمذ عند القديس بلامون ، وقد اتسم بالطاعة مع النسك الشديد وحب العبادة ، وقد ظهر له ملاك، وطلب منه أن يقيم ديرًا ، وأعطاه لوحًا به البنود الأساسية لنظام الشركة، وقد جاءت سهلة للغاية، يستطيع الكثيرون أن يمارسوها، حيث يعيش الرهبان حياة مشتركة فى العمل والعبادة ،  واقام عشرة اديرة بصعيد مصر للرهبان والراهبات ، ونظام الشركة كما أسَّسه باخوميوس جذب الكثيرين من قادة الفكر الرهباني في الشرق والغرب وتنيح فى 14 بشنس.
+ القديس الانبا أبرآم : (1844- 1914)
كان مثلاً فى حياة النسك والتجرد ومحبة الفقراء وحياة الشركة ، فكان رحوماً محسناً تميز بالعطاء والرحمة متمثلا بقول الرب " من سالك فأعطه " (مت5: 42) فعندما اسند اليه رئاسة الدير المحرق  فتح ابواب الدير للفقراء والمعوزين ولكل سائل ، وعندما سيم اسقفاً للفيوم تناهى فى عمل الرحمة ، حتى كان يعطى كل ما يملك ، وصارت المطرانية ملاذاً لكل فقير او محتاج وكان يعطى بسخاء ، وكان رجل معجزات.
تدريبات لحياة الشركة :
+ لتكن لك شركة حب وصلاة وخدمة : داخل اسرتك ، وفى محيط أصدقائك ،  وفى مجال كنيستك ، وفى بناء وطنك .
+ داوم على الشركة مع السيد المسيح  بالصلاة والتناول وكلمة الله لان ذلك يوطد شركتك معه.
+ لا ندع يوما يمر دون أن تمد يد المحبة لشخص ما بعيد وتائه عن الله ، تقدم ولو ملاطفة ، رسالة ، زيارة ، تساعد بطريقة ما .  + تستطيع أن يستعيد شركتك مع الله اذا انقطعت وذلك بأن تعترف بالخطية وتتوب عنها ، التي سببت انقطاع تلك الشركة.
+ اجعل الرب يسوع أعظم صديق لك، وسِرْ معه كل يوم. ويجب أن تكون أوقات دراسة الكتاب ، والصلاة، والعبادة، والتسبيح لحظات مُقدَّسة؛ فلا تأخُذها باستخفاف. وكلما تعلقت به كلما استُعلنت سماته وشخصيته فيك ومن خلالك.

+ الشركة مع المسيح تغير شكل حياتك ؛ تقوي من كل ضعف ، تشفي من كل مرض ، تطرد كل حزن ، يُبعد كل شك ، يمنع كل فشل ٍ ومرارة ٍ ويأس.

هناك 3 تعليقات:

  1. اريد معرفة كيفية التواصل لشراء الكتاب

    ردحذف
  2. ربنا يباركك ويستخدمك لمجد اسمه وامتداد ملكوته في كل الارض

    ردحذف