الحياة المسيحية

الحياة المسيحية

حياة الخلوة

Vتعريف :
Xفى اللغة العربية ، الخلوة :الانفراد بالنفس أو بغيرها.  
X فى اللغة اليونانية ، خلوة أو وحدة : Monos
X فى اللغة الانجليزية ، خلوة  : Recess  

V  مفهوم الخلوة:
 Xخلوة للهدوء : فى الخلوة يتمتع الإنسان بالهدوء والسكينة ، وهى مبعث القوة الروحية والنشاط الذهني.. الخ "بالرجوع (لله) والسكون تخلصون ، بالهدوء والطمأنينة تكون قوتكم. " (أش30: 15) إن الدخول لأعماق النفس يعنى الاختلاء بالنفس.
 Xخلوة لمحاسبة النفس : ليرى الإنسان خطاياه ويتوب عنها . مثال الابن الضال الذى حاسب نفسه وترك ضلاله ورجع الى أبيه  "فرجع الى نفسه وقال كم من أجير لأبي يفضل عنه الخبز وأنا اهلك جوعا.."(لو15: 17) إن فترة الخلوة أمر ضروري ولازم ؛لانكشاف النفس لصاحبها ويكفى أن يكون موضوعنا ، هو أخطاؤنا فى حق الله .
X خلوة للصلاة : فضل السيد المسيح الصلاة فى خلوة داخل المخدع فى الخفاء بعيداً عن الضوضاء والمشاغل .. " فمتى صليت فادخل الى مخدعك وأغلق بابك وصل الى أبيك الذي في الخفاء فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية" (مت6:  6)
 Xخلوة للتأمل : فى الخلوة والوحدة فرصة للتأمل فى الله ومحبته والتأمل فى كلام الله والتأمل فى عجائب الله فى الطبيعة والمخلوقات.. الخ  "وقف وتأمل بعجائب الله.."(اي37: 14) إن التأمل الهادئ يقود إلى انطلاق النفس .
 Xخلوة لدراسة الكتاب المقدس : للاستفادة من كلمة الله لحياتنا أن تكون ؛ بروح الصلاة مع الفهم والتأمل وإرشاد الروح القدس.. الخ " بوصاياك الهج (أحفظ واردد) وألاحظ (ادرس) سبلك.." (مز119: 15) حيث أن توجيهات الله للإنسان تكون غالباً أثناء قراءة كلمة الله ، عندما يكون الإنسان فى حالة خشوع وصلاة وقلب مفتوح .
فى التأمل ، لا يعمل فيه الفكر وحده ، بل الروح أيضاً. وأحياناً يكون التأمل موهبة روحية يستقبل بها الإنسان معرفة فوق المعرفة العادية.

V الرب يسوع مثلنا الأعلى في الخلوة :
X أعطى أهمية للخلوة : في بداية خدمته اعتكف في البرية صائماً  " صام أربعين نهارا وأربعين ليلة.." (مت4: 2) وكان يعتزل منفرداً   يصلى"  أما هو فكان يعتزل في البراري  و يصلي." (لو16:5) لذلك نلمس أهمية الخلوة من حياة الرب ، ويكون لنا مثالاً لنتبع خطواته
X خلوته فى الصباح : فقد كان  يذهب صباحاً إلى موضع خلاء ليصلى هناك " و في الصبح باكراًً جدا قام و خرج ومضى الى موضع خلاء و كان يصلي هناك ."(مر35:1)
X خلوته فى الليل : حيث يقضيه في الصلاة  " و في تلك الأيام خرج الى الجبل ليصلي     و قضى الليل كله في الصلاة لله." (لو12:6)
Xهدف الخلوة : هدف الخلوة هو الشركة مع الرب، والوجود في حضرته للإصغاء إلى صوته وإرشاداته وتوجيهاته لك بخصوص حياتك وخصوصاً هذا اليوم ، ولسان حالك يقول " تكلم يارب لأن عبدك سامع.."(1صم9:3).

 V مكان الخلوة :
X فى المنزل أو الشقة : يختار مكان هادئ بالمنزل مثل غرفة الصالون لتكون مكاناً للخلوة اليومية ، يفضل أن يكون منعزلاً وهادئاً ودائماً.
X فى مكان مقدس او هادئ: مثل كنيسة هادئة او دير او بيت الخلوة او مكان هادئ ، وذلك لقضاء يوم كامل او بضعة أيام للخلوة الروحية.  

V موعد الخلوة  و مدتها:
X موعدها : قد يفضل البعض أن تكون خلوته قبل النوم ، ويفضل آخرون أن تكون في وسط النهار، ولكن أن أفضل وقت للخلوة الروحية هو الصباح الباكر حيث يكون العقل صافياً والذهن خالياً من المشغوليات والجسد نشيطاً " يا الله الهي أنت إليك أبكر.."(مز63: 1)
 Xمدتها : يمكن التدرج في زمن الخلوة فقد يبدأ بدقائق معدودة ، وينمو كلما نما حب الله في القلب ويمتد الى ساعة. ويجب أن يكون للمؤمن أيام خلوة مع الرب ، ويمكن تخصيص يوم للخلوة تصلى فيها كل صلوات الأجبية بالإضافة إلى الخلوات الروحية اليومية.

V سمات الخلوة  المسيحية :
1- الخلوة مع النفس : تتيح للإنسان أن يعرف نفسه على حقيقتها ويصلح من عيوبها ويرى خطاياه التى لم يراها فى زحمة الحياة ، ويبادر بالتوبة عنها وعدم الرجوع إليها مرة أخرى "بالرجوع (لله) والسكون تخلصون ، بالهدوء والطمأنينة تكون قوتكم"(أٍش30: 15) إن تدريب الخلوة العملية مع روح التأمل هو انجح الوسائل لتهذيب النفس وإعادة تكوين الشخصية على ضوء المُثل العليا ووصايا الله ، قال القديس مقاريوس الكبير "الوحدة هى مرآة تبين للإنسان عيوبه." وقال القديس يوحنا القصير "ليس شيء أفضل من الخلوة والسكون لان بدونها لا يقدر الإنسان أن يعرف نفسه." وقال القديس مار افرام "اليوم الذي لا تجلس فيه ساعة مع نفسك لا تحسبه من عداد أيام حياتك ، حب السكون لأنه فيه حياة لنفسك."   في الخلوة تعرف حقيقة إنسانيّتك ، وتدرك دورك في الحياة ، وتستشعر مكانتك لدى الله وتتلمّس دعوتك في الكنيسة وخدمتك للمجتمع..
2- الخلوة مع الله : هي تفريغ القلب والعقل من الاهتمامات العالمية للخلوة مع الله ، فالعقل خالي من كل اهتمام ، والقلب خالي من كل شهوة ، ما خلا شهوة الحب المقدس لله الحبيب والمكان خالي من الناس " يا الله إلهي أنت ، إليك أبكر عطشت إليك نفسي، يشتاق إليك جسدي في أرض ناشفة ويابسة بلا ماء" (مز63:1) قال القديس انطونيوس" إذا انفرد العقل عن الناس وصار فى هدوء الوحدة ، فأن الله يقويه ويثبته ليمكنه أن يسأل ويبحث فيما هو الله . وحينئذ يُؤهل لنظر عظمة الله وقوته ولاهوته وبهائه فى خلائقه .."  ما أجمل ما عبر به القديس نيستاريون عن أهمية شعور المؤمن وإيمانه بحضور الله إذ قال "صلى إلى الله كأنك مشاهد له لأنه بالحقيقة حاضر."  وقال القديس باسيليوس الكبير "الصلاة التصاق  بالله  في جميع  لحظات الحياة ، ومواقفها ، فتصبح الحياة صلاة واحدة بلا انقطاع ولا اضطراب." عليك أن تهتم بحياتك الداخلية لأن عن طريقها يبلغ عمل الله فيك كماله .  

Vمجالات الخلوة  الروحية :
1-  خلوة للصلاة : هي جلسة هادئة مع الرب يسوع بعيداً عن صخب الدنيا ومشغوليات الحياة وفيها تستمع إلى الله وهو يكلمك من خلال آيات الكتاب المقدس، وفيها أيضاً يستمع الله إليك وأنت تكلمه في الصلاة. قال احد القديسين "بالصلاة نتحادث مع الله ، وبدرس الكتاب يتحدث هو إلينا."
إن ما قصده الرب يسوع بقوله " وأما أنت فمتى صليت فأدخل إلى مخدعك وإغلاق بابك" (مت6:6) اى إغلاق أبواب الحواس الخارجية    فقد قال القديس أغسطينوس " ليست هذه المخادع سوى قلوبنا عينها ، المخادع الروحية في إنساننا الداخلي." وللقديس يوحنا كاسيان توضيحاً عملياً لذلك  فيقول " فلندخل مخدعنا ونغلق بابنا ، أليس بأن نعزل أفكار العالم والاهتمامات الباطلة وندخل في عشرة ملتصقة بالرب؟" وعن ارتباط الخلوة بالصلاة قال القديس مار اسحق "الصلاة يسبقها خلوة ، والخلوة يمكن التمرن عليها بالصلاة ، ومن الاثنين نكتسب حب الله ، لأن في كليهما أسباباً تدعو لحبه  والحب ثمرة الصلاة."!
2- خلوة للتأمل فى الكتاب المقدس :  اى الإصغاء لكلام الرب والوجود في حضرته للإصغاء إلى صوته وإرشاداته وتوجيهاته لتقول "تكلم يارب لأن عبدك سامع"(1صم9:3) فالكتاب المقدس رسالة شخصية من الله للإنسان مباشرة تهدف الى خلاصه وتعده للحياة الأبدية  فقد تكون:  أ- تحذير من خطية لتتجنبها.
 ب- أمر كوصية لتنفذها.
ج- امتياز لتـشكر الرب عليه.
د- وعد لتصلي وتطالب الله به .
هـ- صفة للرب لتمجده عليها. 
 و- مثلا أعلى لتقتدي به .
 وتقول مع المرنم "خبأت كلامك في قلبي لكيلا أخطئ إليك.." (مز119:  11) وتتحول كلمات الكتاب المقدس الى صلاة فتشبع النفس بكلمات الله ويفرح القلب ويتعمق الحب ويتحول كلام الله الى صلاة والصلاة الى شبع وارتواء ..الى قوة وحب..
ان التأمل في كلام الله هو استنارة العقل بالروح القدس ، قال القديس مار اسحق" قراءة الكتاب المقدس تنير العقل وتعلم النفس الحديث مع الله."!

V بركات حياة الخلوة : 
1- الغذاء الروحي :
كما يحتاج الجسد إلى طعام لينمو به، هكذا الروح تحتاج إلى كلمة الله والصلاة كغذاء للنمو الروحي. فقد قال المسيح " ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله" (مت16:15) وهذا الغذاء للنمو فى النعمة ومعرفة الله " أنموا في النعمة وفي معرفة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح.."(2بط18:3) قال القديس اغسطينوس "الجسد لا يستطيع أن يبقى حياً بدون غذاء ، هكذا الصلاة هي غذاء النفس وقوام حياتها." وقال القديس مقاريوس الكبير "الوحدة هى حفظ العينين والأذنين واللسان والاشتغال بالقراءة والصلاة."
2- العشرة مع الرب :
في الخلوة يعرض المؤمن على الله أفكاره وانشغالاته وظروفه ويشرك الرب فيها، حتى يقوده الرب بحكمته .. يا له من امتياز للمؤمن عن بقية الخليقة ، أن الله بنفسه يشاركه حياته ويسير معه ، ويواجه تحدياته ويرشده وينصحه "أعلمك وأرشدك الطريق التي تسلكها أنصحك عيني عليك."(مز8:32) ان العشرة مع الرب تعنى أيضاً الحديث معه والاندماج والاتحاد به والامتلاء بشخصه وروحه ليتسلم قيادة حياتك طيلة اليوم. ويهيمن على تصرفاتك وسلوكك ومعاملاتك.. قال القديس مار اسحق  السريانى   " محبة الله تنشأ من الحديث معه" .
3- التسلح ضد هجمات إبليس:
أن عدونا محتال قوى "إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمساً من يبتلعه هـو.."(1بط8:5). لقد جاء المسيح لكي ينقض أعمال إبليس ويعطينا النصرة عليه "ها أنا أعطيكم سلطانا لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو (الشيطان) ولا يضركم شيء.." (لو10: 19) لذلك فالمؤمن في مسيس الحاجة لأن يلتصق بالرب ويختلي معه ؛ لينال منه قوة داخلية ويسلحه ضد هجمات إبليس  " بكل سرور أفتخر بالحرى في ضعفاتي لكي تحل على قوة المسيح." (2كو9:12) قال القديس مقاريوس الكبير " ضع همَّك كلَّه في أن تطلب الله وأن تنجو من أيدي أعدائك (الشياطين)."

Vأمثلة فى حياة الخلوة :
X ايليا النبى : كان إيليا النبى فى البرية يناجى الله منفرداً فى خلوة مقدسة ، منقطعاً عن العالم ، انحل عن الكل ليرتبط بالواحد ، دعى إيليا رجل الصلاة  " صلى صلاة أن لا تمطر فلم تمطر على الأرض ثلاث سنين وستة أشهر ، ثم صلى أيضا فأعطت السماء مطرا وأخرجت الأرض ثمرها "( يع5: 17)
وقد ظهر ايليا وموسى مع المسيح فى التجلى على الجبل ( متى17: 1– 5) الدروس المستفادة من حياة ايليا : كان ايليا انسان تحت الآلام مثلنا - الوقوف أمام الله -  قيمة الخلوة - الطاعة الكاملة لصوت الله - الدعوة للرجوع إلى الله الواحد  - قوة الأيمان سر استجابة الصلاة -الهروب من وجه الشر.
 X القديس بولس الرسول: (5- 67م)
+ تغير شاول من اشد اعداء المسيحين ومضطهدهم الي بولس اشهر رسل المسيح واشد المدافعين عن المسيحية ، كما تحمل الكثير حتي استشهاده . وكان تغيره علي مشارف دمشق عنما ظهر له الرب (أع 9) وبعد ايمانه انطلق الي العربية " صحراء مقابلة لدمشق شرقا ً " (غل 1: 17، 18 ) وامضي ثلاث سنوات في خلوة روحية  وصلاة ودراسة للعهد القديم بروحه الجديدة ، وقام بثلاث رحلات تبشيرية كبري وايضاً الرحلات الصغيرة ، وتعرّض للرجم والضرب والسجن وشدائد كثيرة ، واستشهد فى روما فى 12 أبيب .
Xالقديس انبا انطونيوس  (251- 355م)
هو مؤسس نظام الرهبنة (الوحدة) فإن حياته تكشف عن مفهوم الرهبنة المسيحية ، وحبه الشديد للوحدة لم يغلق قلبه نحو الجماعة المقدسة، بل كان في عزلته يؤمن بعضويته الكنسية. وعندما استدعى الأمر نزل إلى البابا أثناسيوس الرسولي (الذي تتلمذ على يدي القديس أنطونيوس)، وبدخوله الإسكندرية ارتجت المدينة، وخرج الكل متهللين لأن رجل الله قادم، وبالفعل عاد كثير من الأريوسيين إلى الكنيسة. ومرة أخرى نزل إلى الإسكندرية يسند المعترفين في السجون ويرافقهم حتى ساحة الاستشهاد ، وعزلته وخلوته لم تكن ضيقاً وتبرماً ، لذا كان الكل يدهش لبشاشته وتهليله الداخلي ، وقد اتسم بصحة جيدة حتى يوم نياحته وكان قد بلغ المائة وخمسة عاماً، وتعيد له الكنيسة في 22 طوبة

 Vتدريبات لحياة الخلوة :
1- تهيئة القلب :
+ الشعور بوجود الله : وانت في حضرة الله وأن الله يراك ويسمعك وأنه قريب منك.
+افحص نفسك : لتعرف خطاياك ولتقدم عنها توبة. +ذكرإحسانات الرب ومحبته: كأب يرعاك ويحميك.            
+ الترنيم للرب: بمعانيها تتلامس أنت كذلك مع الله.
2-  التأمل فى الكتاب المقدس :
+أرفع طلبة قصيرة وقل للرب "أسمعني يارب صوتك من خلال كتابك وكلمني بما تريدني أن أحيا به في هذا اليوم."
 + اقرأ إصحاح من الكتاب المقدس وخاصة العهد الجديد  يؤخذ بالترتيب يومياً من برنامج للقراءات.
+  من خلال آية التأمل تكلم الرب معك عن أمر من الأمور : خطية، وصية، ، وعد، ، مثل أعلى..           
3-  الصلوات :
+ صلى بشأن ما تكلم به إليك، فهو إما أن يكون: اعتراف، أو طلبة، أو شكر، أو تمجيد.
+ اطلب  طلبات خاصة بك وبأسرتك - طلبات لأجل الآخرين - طلبات لأجل الخدمة المحلية والمسكونية – طلبات خلاص العالم أجمع.
+ يحسن ان تدون تاريخ بدء الطلبة للرب ، وتاريخ الاستجابة بالموافقة أو بالرفض أو بالتعديل. 

هناك 6 تعليقات:

  1. سلام ونعمة الرب تكون معكم اشكركم على كل مايقدم من كلمة الرب لارشادنا للطريق الصحيح والرب يسندكم امين

    ردحذف
  2. من أمثلة من ذاق حياة الخلوة الروحيه في العهد القديم النبي دانيال صح ولا غلط

    ردحذف
  3. ليت الرب يستمر يبارك حياتكم وينير عقولكم ويستخدمكم لمجد اسمه القدوس

    ردحذف
  4. Thanks for u

    ردحذف
  5. كنت محتاجة جدا للكلام هذا وشكرا الكم لمشاركتهم هالمواضيع المهمة عن الخلوة الرب يبارك ويبارك خدماتكم عبر الانترنت

    ردحذف
  6. بنت الرب

    ردحذف