الحياة المسيحية

الحياة المسيحية

حياة الالتزام

V تعريف :
+ فى اللغة العربية، الالتزام : الثبات والدوام
+ فى اللغة الانجليزية ، الالتزام : Commitment  

V مفهوم الالتزام :
X التزام بسلامة الإيمان والعقيدة : فان الكنيسة منذ العصر الرسولى ملتزمة بالعقيدة السليمة والإيمان الارثوذكسى المسلم من القديسين ، والمؤمنون ملتزمون بعقائد إيمانية راسخة لم يحيدوا عنها او يفرطوا فيها .." الإيمان المسلم مرة للقديسين "(يه3)
X التزام بالحياة الكنسية : كل مؤمن  يشترك فى ممارسة وسائط النعمة من توبة وصلاة وصوم وصدقة وتناول..الخ فكل مؤمن هو عضو فى الكنيسة التى هى جسد المسيح "هكذا نحن الكثيرين جسد واحد في المسيح وأعضاء بعضا لبعض كل واحد للآخر"(رو 12 : 5)
فالمسيحى ملتزم فى الكنيسة وفى المجتمع العام.
X التزام بالجهاد الروحى : هو بذل الجهد والعمل من جانب الإنسان مع عمل النعمة الإلهية لأجل خلاص النفس والنصرة على الخطية والشيطان ..الخ ، هو جهاد لاقتناء الفضيلة  وجهاد ضد الرزيلة .. "أن كان احد يجاهد لا يكلل إن لم يجاهد قانونيا "(2تى2:5)
X التزام بالأعمال الصالحة : فأن كان الله ساكناً فينا فيجب أن يكون هناك تدفقاً من الصلاح نابعاً منا أيضا ..  "لأننا نحن عمله مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة قد سبق الله فأعدها لكي نسلك فيها" (اف 2 : 10)
X التزام بالخدمة : إن الحياة التى تصرف فى الشركة مع الرب وخدمته هى أسمى حياة يمكن أن يحياها إنسان على الأرض ، وأن نستخدم المواهب التى يعطيها لنا الله فى خدمة الآخرين سواء خدمة تعليم أو وعظ أو خدمة مرضى أو معاقين ..الخ " ليكن كل واحد بحسب ما اخذ موهبة يخدم بها بعضكم بعضا كوكلاء صالحين على نعمة الله المتنوعة"(1بط4: 10)
يجب ان يكون الالتزام هو طبيعة المؤمن روحياً وسلوكياً ؛ فى الكنيسة وفى المجتمع العام . فالمسيحى ملتزم اينما وجد وحيثما كان .!      
            
Vالسيد المسيح مثلنا الأعلى فى الالتزام :
X التزامه بالشريعة وتكميلها : لم ينقض الشريعة او يخالفها بل عمل على تكميلها .. " لا تظنوا اني جئت لانقض الناموس (الشريعة) او الأنبياء ما جئت لانقض بل لأكمل" (مت 5 : 17)
X التزامه بحياة القداسة : فهو البار والقدوس ، لم يفعل اى خطية " من منكم يبكتني على خطية.." (يو8: 46) وقال ايضاً " ولأجلهم  أقدس أنا ذاتي ليكونوا هم أيضا مقدسين في الحق" (يو17:  19)
X التزامه بغفران خطايانا : بالإيمان والتوبة والاعتراف "إن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا."(اع10 :43) "إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم"(1يو1 : 9)
X تعاليمة السامية عن الالتزام : الالتزام بالكمال فهدف المسيح هو وصول الإنسان إلى الكمال النسبي لان الكمال المطلق هو لله وحده  "فكونوا انتم كاملين كما أن أباكم الذي في السماوات هو كامل"(مت5 : 48) والالتزام بالرحمة لان المسيح نفسه هو رحمة الله المتجسد  "فكونوا رحماء كما أن أباكم أيضا رحيم.." (لو 6 : 36)

Vالقديسون والالتزام :
X الالتزام بالفكر والإيمان المستقيم : على مدى تاريخ الكنيسة تصدى أبطال الإيمان للدفاع عن سلامة الإيمان وصحة العقيدة وكانوا ملزمين بدحض كل الهرطقات .. مهما كلفهم هذا من الم واضطهاد بل وسفك دم واستشهاد..  "كل روح لا يعترف بيسوع المسيح انه قد جاء في الجسد فليس من الله."(1يو4: 3) قال القديس مقاريوس "لا غلبة بدون قتال ولا اكليل بدون غلبة." ! 
X الالتزام بقبول الألم وشركة الصليب : تاريخ الكنيسة منذ العصر الرسولى وحتى الآن سلسلة متصلة من اختبار الألم والموت من اجل الرب . لقد صار قبول الألم من أجل الرب التزاماً مسيحياً رائعاً..  "لأنه قد وهب لكم لأجل المسيح لا أن تؤمنوا به فقط بل أيضا أن تتألموا لأجله."(فى1: 29) قال القديس مار اسحق " الى حد الموت أغصب نفسك من أجل الله ."!

V سمات الالتزام  المسيحي :
1-   الالتزام بالحق والرحمة  : هناك ارتباط كبير بين الرحمة والحق ، وليس بين الرحمة والباطل او الظلم ، فأن المسيح نفسه هو الرحمة والحق   " وتعرفون الحق (المسيح) والحق يحرركم.."(يو 8 : 32) " أحفظ الرحمة والحق وانتظر ألهك دائما." (هو12: 6) لذلك يجب أن نسلك فى الرحمة والحق فى حياتنا  وهذا ما أكده الحكيم سليمان " لا تدع الرحمة والحق يتركانك.. فتجد نعمة وفطنة صالحة في أعين الله والناس" (ام 3: 3) فأن الرحمة تثبت وتدوم مع الحق" فاثبتوا ممنطقين احقاءكم بالحق.."(اف6 : 14) قال القديس يوحنا ذهبى الفم " لأن الرحمة مفضلة عند الله ، فهى التى جعلته يصير أنساناً لأجل خلاصنا ."
2- الالتزام بالمثابرة والتغصب: فى الحياة الروحية "الآن ملكوت السماوات يغصب والغاصبون يختطفونه"(مت11: 12) إن جهادنا من أجل الملكوت وسعينا الحثيث نحوه يؤمنان رفقه ومودة الله ونعمته لنا ، لأن النعمة الإلهية لا تعمل فى الكسالى ولا بالجهاد وحدة تنمو الحياة الروحية .  ان كل التزام يقدم من جانب الانسان بقبول الالم والصليب ، يقابله التزام من جانب الرب بتقديم المجد والاكليل ، فان كل شيء فى بدايته يحتاج الى ان يغصب الانسان نفسه عليه ، قال القديس مار اسحق " بقدر ما يجاهد الإنسان ويغصب نفسه من اجل الله ، هكذا معونة إلهية ترسل إليه وتحيط به وتسهل عليه جهاده وتصلح الطريق قدامه ".!
3- الالتزام بمحبة الجميع : دربوا أنفسكم على حب الجميع .. " الرب ينميكم ويزيدكم في المحبة بعضكم لبعض  وللجميع.."(1تس 3 : 12) عليكم ان تحبوا الجميع : أولئك الذين يضطهدونكم والذين يحبونكم.. هذا ما قاله السيد المسيح " أما أنا فأقول لكم أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم أحسنوا الى مبغضيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم."(مت5: 44) ان المحبة هى الفضيلة الاولى ، قال القديس مار اسحق "استر على الخاطئ من غير أن تنفر منه لكيما تحملك رحمة  الله ." وقال القديس صفرونيوس "المحبة تجمع ولا تفرق ، توحد ولا تقسم ، تحيى ولا تميت ، تعطى ولا تستهلك ، تهب دون مقابل لأن الله محبة ." !                      
            
V مجالات الالتزام :
1- التزام بأعمال الخير : هى دليل على الرحمة والصلاح "فإذا حسبما لنا فرصة فلنعمل الخير للجميع ولاسيما لأهل الإيمان." (غل6: 10) فأن كان الله ساكنا فينا فيجب أن يكون هناك تدفقا من أعمال الخير والصلاح "لأننا نحن عمله مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة قد سبق الله فأعدها لكي نسلك فيها" (اف 2 : 10) كما يجب ان يكون لنا استعداد دائم لعمل الخير وعلى قدر طاقتنا  "فلا نفشل في عمل الخير لأننا سنحصد في وقته إن كنا لا نكل."(غل 6 : 9) قال القديس اثناسيوس "اهتم بعمل الخير حسب قوتك من اجل الله ، لاسيما للمسيئين أليك ومبغضيك ، لكى تغلب الشر الذى فيهم نحوك." 
2- التزام بالإيمان والعقيدة : التزام الإيمان الارثوذكسى وقوانين الكنيسة الروحية والطقسية والعقيدية ..الخ فهى  "كنيسة الله الحي عمود الحق وقاعدته"(1تي3: 15) وفى ممارسة أسرار الكنيسة من توبة واعتراف وتناول ..الخ والجهاد الروحى ضد الخطية والشيطان والعالم  ..الخ  "إن كان احد يجاهد لا يكلل إن لم يجاهد قانونيا"   (2تي 2: 5) وتكون الكنيسة هى جماعة المؤمنين القديسين عروس المسيح "لكي يحضرها لنفسه كنيسة مجيدة لا دنس فيها ولا غضن او شيء من مثل ذلك بل تكون مقدسة وبلا عيب." (اف5: 27) ليصبح الالتزام فينا هو حياة ومنهج وعهد وطبيعة  " وكل من يجاهد يضبط نفسة فى كل شيء." (1كو9: 25) قال القديس انطونيوس "اجعل الرب أمام عينيك على الدوام أينما سرت ."
3- التزام بقوانين المجتمع : حيث يخضع المسيحي لسلطة القانون عملا بالوصية " لتخضع كل نفس للسلاطين الفائقة لأنه ليس سلطان إلا من الله.."(رو13: 1) فالمسيحى يجب أن يكون مواطناً صالحاً مشهوداً له من الجميع ، بحسن السير والسلوك والأمانة فى عملة ، وما يكلف به  " لكي يوجد الإنسان أمينا (في كل شيء)." ( 1كو4 :2) وذلك لمجيد اسم الله ، وان يكون قدوة للآخرين ، وتقول تعاليم الرسل (الدسقولية)  "كن منشغلاً بما هو للرب (أمين نحو لله) أو مشغولاً بعملك (أمين نحو عملك)  ولكن لا تكن عاطلاً."

   V بركات حياة الالتزام :
1-  النمو الروحى : نتيجة الجهاد الروحي ننمو روحياً ، نمو فى النعمة اى العمل الروحي فى قلب الإنسان وسلوكياته بقوة النعمة الإلهية  ونمو فى المعرفة اى الفهم الروحي والفكر السليم إيمانياً وعقائدياً ومعرفة حقيقية للمسيح "انموا فى النعمة ومعرفة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح" (2بط3: 18) ان التوبة المستمرة تساعد على النمو الروحى وحياة الفضيلة ..  " لكي تخبروا بفضائل الذي دعاكم من الظلمة الى نوره العجيب" (1بط2: 9) قال القديس مقاريوس الكبير " طوبى لمن لازم التوبة (اى التزم بها) حتى يمضى الى الرب... طوبى لمن جاهد بكل قوته فان ساعة واحدة من نياحة تنسيه جميع أتعابه." !
2-  الخير والإثمار : خير الرب الذى يشمل كل جوانب الحياة " يأمر لك الرب بالبركة في خزائنك وفي كل ما تمتد إليه يدك.. ويزيدك الرب خيراً.."(تث28:  8، 10) قال القديس اغسطينوس "القليل مع مخافة الرب خير من كنز عظيم مع همّ."  فأن الأثمار الروحية تظهر فى ظهور ثمار الروح والأعمال الصالحة في حياة المسيحي      " وأما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول أناة لطف صلاح إيمان وداعة تعفف"(غل5 :22) " مثمرين في كل عمل صالح.." (كو1: 10) قال القديس مرقس الناسك "لا توجد فضيلة منفردة بذاتها تفتح باب طبيعتنا ، ولكن كل الفضائل يجب أن تتضافر معا بالتتابع الصحيح."
3-  القدوة الطيبة : الملتزم هو قدوة طيبة وسبب بركة لكثيرين .. " لا يستهن احد بحداثتك بل كن قدوة للمؤمنين في الكلام في التصرف في المحبة في الروح في الإيمان في الطهارة" (1تي 4: 12) الملتزمون روحياً هم الصالحون لمجالات القيادة والتدبير الروحى .. لذلك يوصى بولس الرسول كل خادم أن يكون "مقدما نفسك في كل شيء قدوة للأعمال الحسنة ومقدما في التعليم نقاوة ووقاراً وإخلاصاً.." (تي2 : 7) الالتزام المسيحى هو التقاء عمل النعمة مع جهاد الإنسان وتغصب نفسه ، قال القديس مار اسحق  "إن نعمة الله تقترب من الذين يجاهدون فى سبيل اسمه ، فيجعلهم ثابتين فى الصبر." 

 Vأمثلة فى حياة الالتزام:
X صموئيل النبى  :
 + التزامه بالعبادة فى الهيكل منذ صغره .
+ التزامه بسماع صوت الله وطاعته .. فقال " تكلم يا رب فأن عبدك سامع.. " (1صم3: 10)
+التزامه بالقضاء للشعب اليهودى وتعليمه..
+ التزامه بالصلاة عن الشعب حتى يرحمهم الله  فقال " اما أنا فحاشا لى أن أخطى الى الرب فأكف عن الصلاة من اجلكم .." (1صم12: 23)
  Xالكنيسة فى عصر الرسل:  
بدأت الكنيسة بروح واحدة وشركة واحدة فى الايمان والانتماء للرب يسوع ..، فقد كان التزاماً جماعياً " وكانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات. وكانت عجائب وآيات كثيرة تجرى على أيدى الرسل وجميع الذين أمنوا كانوا معا وكان عندهم كل شيء مشتركاً.." (أع2: 42-47) وكانت نموذج للالتزام المسيحى:
+ المواظبة على التعليم معناه الالتزام بالتلمذة.
+ المواظبة على كسر الخبز معناه الالتزام بالأسرار.
+ تقسيم المقتنيات والاملاك معناه الالتزام بالشركة.
+ مسبحين الله  معناه الالتزام بالتسبيح .
+ انضمام الذين يخلصون معناه الالتزام بالخدمة .
+ اعطاء كل من له احتياج معناه الالتزام بالعطاء.
Xالقديس انبا شنودة رئيس المتوحدين:(333- 451م)
 + التزامه بنمو الرهبنة فقد  دُعي "أرشمندريت" أي رئيس المتوحدين ، واسس الدير الابيض بسوهاج وصل عدد الرهبان  2500والرهبات 1800
+ التزامه بالوعظ والتعليم للرهبان والمؤمنين ، وله كثير من العظات الروحية والتعليمية ، واهتم باللغة القبطية كتابة ونطقاً ، وقد كان زعيماً وطنياً قبطياً.
+التزامه بالعبادة والكنيسة بفتح أبواب ديره للمؤمنين ليشتركوا في القداس الإلهي مع الرهبان في أيام الآحاد وكان يعظهم ويرعاهم روحياً واجتماعياً .
+ التزامه بمقاومة الوثنية ، فقام بهدم معابد الاوثان بأخميم وسوهاج ، وحارب السحر والشعوذة.. الخ.
+التزامه بخدمة المحتاجين فكان يطعم الجائع ويكسو العريان ويداوى المريض ويأوى الغريب ..الخ
+ التزامه بالإيمان المستقيم ، فذهب مع القديس البابا كيرلس الاول لحضور مجمع أفسس المسكونى سنة 431 م ليكشف فساد بدعة نسطور، وتنيح 7ابيب .

Vتدريبات لحياة الالتزام:
+ الملتزم يسلك بتدقيق .. فى حياته الخاصة  ويشعر بأن هناك التزام بينه وبين الله بطاعته وحفظ وصاياه
+ الملتزم يلتزم بمبادئ وقيم اخلاقية ، وقواعد روحية يتبعها .. ويحيا حياة على مستوى المسئولية.
+ الملتزم يحترم كلمته ، ويحترم علاقاته مع الناس  والتزامه يولد الثقة فيه وفى عمله وتصرفاته..
+ الالتزام بالإيمان المستقيم وقوانين الكنيسة الروحية والطقسية والعقيدية ، وممارسة الاسرار..
+ الالتزام اليومى  بقضاء فترة مع الكتاب المقدس والصلاة ، وبقدر الالتزام تزيد الفترة كماً ونوعاً..
+ الالتزام بالمشاركة فى افراح الاخرين وآلامهم ومسراتهم وتجاربهم .. والمساعدة بقدر الامكان ..   
+ الالتزام باحترام حقوق الاخرين وتشجيع صغار النفوس والصبر على كل احد ..الخ .
+ الالتزام بالخدمة والقيام بدور فعال فى مجالات الخدمة اى كانت ، كلٌ حسب موهبته وامكانياته . .

+ حياة الالتزام تشمل داخلها حياة الطاعة وحياة الاتضاع ، وكذلك فيها الجدية والتدقيق، وفيها مخافة الله ، لأن كل الفضائل مرتبطة بعضها بعضاً . 

هناك تعليق واحد: